لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٩٦
سبق أن ذكرنا، يشكل إحدى مكونات الاجتماع العربي حتى مع وجود الإسلام، والبنية المجتمعية للعرب، كانت ولا تزال تنتج - باستمرار نزوعا قبليا ضمن أنماط شتى في السلوك السياسي والاجتماعي.. ومن أولئك الذين ثاروا عليه، رجال كانوا غير متضررين اقتصاديا. ويذكر التاريخ أن عبد الرحمن بن عوف الذي أثبته في الخلافة، كان قد أنكر عليه، إذ رآه ينهج هذا النهج. وعبد الرحمن رغم أنه بلغ غناه مداه في عهد عثمان، ورغم مصاهرته لعثمان، ورغم تجاوزه للحق الشرعي، في خلع علي (ع) (117) عن الخلافة وتثبيت عثمان.. فإنه يأبى أن ينهج عثمان، نهجا يقوي فيه (عشيرته). ومثل ذلك طلحة. فلم يكن هو الآخر، متضررا من الحالة الاقتصادية، بل لقد كانت غلته يومذاك من العراق تعد بألف دينار كل يوم مثل عبد الرحمن بن عوف الذي كان على مربطه ألف فرس وألف بعير وعشرة آلاف من الغنم.. ولكن القضية لها خلفيات أخرى.
فلا زهرة من عبد الرحمن، ولا تيم من طلحة، براضية بهذا الوضع الذي آل إليه الأمويون بمؤازرة عثمان، حيث حملهم على رقاب الناس. لقد سلب عثمان إرث آل البيت (ع) وهو (فدك) وأقطعها واحدا من عشيرته وهو مروان، وفي ذلك مهانة لبني هاشم لها أن تقرع الوجدان العربي. وكذلك لما رأوا عثمان يستقبل (الحكم) طريد الرسول صلى الله عليه وآله في المدينة، ليقضي بطرد أحد سادة العرب والمسلمين أبي ذر إلى الربذة. لقد رأوا العرب من مختلف القبائل، إن هذا هو عثمان، وإن عشيرة بني أمية راحت تطأ كل العشائر.
وحيث إن عثمان أظهر توجهه العشائري للمسلمين، وأفصح عن وجهة نظره الخاصة تجاه أقربائه، واعترف لهم أنه يعمل بمقتضى الاجتهاد. لذلك أحيا فيهم النخوة العربية، والنزعة القبلية مجددا، فراحوا يفكرون في الثورة والتغيير.
الفئة الثالثة:
انطلقت هذه الفئة من الخلفية الاصلاحية، متجاوزة كل الخلفيات الأخرى.

(117) - أقول إن الإمام علي (ع) أنزله الدهر، حتى أضحى يشرط عليه سفالة العرب، شروط خلافة الأمة!!.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405