إن كان هذا المال من بيت مال المسلمين ما قدر عملي إن أعطى ثلاثمائة ألف، ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن أرزأه من ماله شيئا. وما في هذه الأمور أوضح من أن يشار إليه وينبه عليه.
هذه باختصار هي السياسة المالية غير المتوازية التي كان يسلكها عثمان. ففئة يرى تفقيرها بمنع العطاء عنها، وفئة أخرى يرى إغراءها بالأموال. أما أقرباؤه فقد أثبت ملكهم، بأن وسع عليهم توسيعا.
كانت هذه السياسة في مجملها كالسحر إذ ينقلب على الساحر. وكان على بني أمية أن ينقضوا على الحكم كله. فعثمان رجل مهما كان فهو أضعف في رأي الأمويين من معاوية. وسياسة معاوية تقضي بتقتيل المعارضة، وهذا ما رفضه عثمان لأسباب معينة.
كان موقف معاوية أن يقتل المعارضين، فأبى عثمان ذلك، خوفا من استفحال الأزمة. وطلب منه معاوية أن يصطحبه إلى الشام، حيث يدافع عنه برجاله.
فأبى عثمان.
قال معاوية لعثمان غداة ودعه:
(يا أمير المؤمنين، انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به، فإن أهل الشام على الأمر، لم يزولوا).
فرفض عثمان.
فطلب منه أن يبعث إليه جندا منهم يقيمون بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابت. فرفض عثمان.
قال له معاوية (والله يا أمير المؤمنين لتقاتلن، ولتغزين).
فقال معاوية: (يا أيسار الجزور، وأين أيسار الجزور! ثم خرج (135).
عرف معاوية أن الأمر يسير هذه الوجهة. فعليه أن يقوي جيشه ليستعد