لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٩٩
(8) تأميره الطلقاء على المسلمين واستشارتهم وإهمال مشورة الصحابة الكبار.
كانت هذه باختصار هي الفئات الرئيسية للتمرد. والدليل على ذلك أنها تفرقت وجهاتها بعد مقتل عثمان، فمنهم من أكمل الدرب على نهج الاصلاح منضويا تحت راية الإمام علي (ع) ومنهم من راح يلتمس له أسباب الغنى.
وآخرون اكتفوا بمقتل عثمان، كانتقام للحالة العشائرية.
وكان الصنف الذي يبحث عن المال، قد رجع وانخرط في جيش معاوية فيما بعد، فنال بذلك ثمن الردة والنفاق، من عطاء أهل الشام.
كانت خلافة عثمان منذ البداية مهندسة على هذا الشكل، وهو أن يستفيد القدر الممكن من الخلافة، ثم يسلمها على غرار سابقيه إلى صهره (عبد الرحمن بن عوف)، لتبقى دولة بين عصابة من زهرة وابن أبي معيط وبني أمية. والإمام علي (ع) سرعان ما أدرك اللعبة وهو يقول بعد أن انزاحت الخلافة عنه: ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا، (فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون)، والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك) (120).
بقي عثمان حريصا على مخططه، كيف لا وعبد الرحمن بن عوف هو الذي سلمها إياه. ولم يكن ليسلمها له، لولا أنه عرف نفسه غير مرغوب فيه. ويبدو أن عثمان أراد أن يستجيب للوعد ولكنه خاف على نفسه، ولم يستطع الوفاء بوعده لعبد الرحمن، فربما تغيرت وجهة نظره، فرأى أن يسلمها لواحد من أقربائه.
كتب له حمران مولاه، فأنكر عليه شيئا، فنفاه إلى البصرة، فلم يزل بها حتى قتل عثمان. ويذكر مسكويه في تجاربه، سبب سقوط هذا الكاتب من عين عثمان وسبب نفيه إياه فقال: إن عثمان اشتكى شكاة، فقال له:
(أكتب العهد بعدي لعبد الرحمن بن عوف).
فانطلق حمران إلى عبد الرحمن بن عوف فقال له:
(البشرى!).

(120) - تاريخ ابن الأثير (ص 71 ج 3).
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405