بعض الشكوك. ولعل الإمام علي (ع) قد فطن لتلك اللعبة لما قال للعباس كما سبق:
(فلو كان الآخران معي (يقصد طلحة والزبير:
لم ينفعاني، بله أني لا أرجو إلا أحدهما).
وفعلا، فإن طلحة لم يسلمها للإمام علي (ع) وما بقي معه (ع) سوى الزبير. فعبد الرحمن بن عوف سيسلمها لصهره عثمان، فإذا فعل فإن سعدا ابن عمه لن يخالفه، وطلحة من المفترض أن يمنعها عن علي (ع) لتلك الضغينة التي ذكرها المؤرخون بين تيم وبني هاشم. وهو ابن عم أبي بكر، ولكن كان من المحتمل أن يخالف بها رأي عمر وعثمان، لكراهيته لهما، وأما الزبير فلقد رأى أن يسلمها إلى لابن عمه علي (ع) بعد أن رآها لن تتم له، وبعد أن تحركت فيه الحمية تجاه قريبه، لما رأى الآخرين مالوا إلى أبناء عشيرتهم كما لأن الزبير وقتئذ من شيعة علي (ع).
ثم كان عمر بن الخطاب قد ضيق الأنفاس على الستة، ورسم لهم مخططا، يعكس مدى حرصه على تفويت الخلافة على علي (ع). فقال آمرا أبا طلحة، أنه إذا أبى واحد، ورضي خمسة، فاشلخ رأس الواحد، ومن البديهي أن الواحد المفترض معارضته للجميع، هو علي بن أبي طالب (ع) ثم بقتل الاثنين، واللذين لا يمكن أن يكونا سوى علي والزبير في أسوأ الاحتمالات، وإذا ما انضاف طلحة، وكان هذا احتمال وارد، بسبب الكراهية التي لا يزال يحملها طلحة لعمر فإن عمر قضى برفض هذا الثلاثي من خلال قوله (فكونوا مع الثلاثة التي فيهن عبد الرحمن بن عوف) علما أن عبد الرحمن لا يمكن أن يكون إلا مع عثمان، وسعد لا يمكن أن يخالف الاثنين:
أولا: للعمومة التي تربطه بعبد الرحمن ولأنه من زهرة.
ثانيا: بأنه لا يزال يجد في نفسه من علي وهو الذي قتل الكثير من عشيرته:
وقتل أباه ببدر.