لذلك لجأ إلى إغراق المجتمع في الحاجة والتطلب المادي. كان رأي عثمان، أن يشرك الفئة المتمردة من كبار الصحابة في العطايا. كما استوحى فكرة الانحراف بالمال، على الفئة المتمردة اقتصاديا، من عميله عبد الله بن سعد، حيث لما استشاره من بين مستشاريه قال: (يا أمير المؤمنين، الناس أهل طمع، فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم) (133).
ويذكر مسكويه في تجاربه إنه تم فعلا تطبيق هذه الخطة بأشملها: فرد عثمان عماله على أعمالهم، وأمرهم بالتضييق على من قبلهم، وأمرهم بتجمير الناس في البعوث وعزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا إليه. ورد سعيد بن العاص أميرا على الكوفة (134).
وكان أول ما منع عثمان، عطاء ابن مسعود - كما تقدم ومكن للزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف.. فكانوا من أثرياء العرب يومها.
وحاول ذلك مع أناس كثير فرفضوا إغراءه. وكان محمد بن أبي حذيفة ممن ألب عليه بمصر. وأرسل عثمان على أثر ذلك بمال وكسوة، فرفض الفتى ذلك في المسجد وقال: انظروا يا معشر المسلمين إلى عثمان! يريد أن يخدعني عن ديني بالرشوة.
وقد سبق لعثمان أن عزل عبد الله بن الأرقم، أو بالأحرى هو استقال لما ادعى عثمان إنه خازن لبيت أهله. وأعطى المفاتيح بعده لزيد بن ثابت. ويروي الواقدي: إن عثمان أمر زيد بن ثابت أن يحمل من بيت مال المسلمين إلى عبد الله بن الأرقم في عقيب هذا الفعل ثلاثمائة ألف درهم. فلما أدخل بها عليه، قال له:
يا أبا محمد إن الأمير عثمان أرسل إليك يقول: إنا قد شغلناك عن التجارة، ولك رحم أهل حاجة، ففرق هذا المال فيهم، واستعن به على عيالك.
فقال عبد الله بن الأرقم: ما لي إليه حاجة. وما عملت لأن يثيبني عثمان والله