وأصحابه فيذهبوا أبنصيبكم من هذا الأمر) (51).
والذين بايعوا أبا بكر جريا على رأي عمر بن الخطاب من الأوس، إنما فعلوا ذلك لأن حدة الصراع التاريخي بين الأوس والخزرج لا تزال حية في كثير من النفوس. وإنهم بايعوا أبا بكر فقط، ليمنعوا الخزرج من هذا الامتياز. ذكر ابن الأثير: (ولما رأت الأوس ما صنع بشير وما تطلب الخزرج من تأمير سعد. قال بعضهم لبعض، وفيهم أسيد ابن حضير، وكان نقيبا، والله لئن وليتها الخزرج مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم فيها نصيبا أبدا. فقوموا فبايعوا أبا بكر. فبايعوه. فانكسر على سعد والخزرج ما أجمعوا عليه، وأقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب).
غير أن سعد بن عبادة، لم ينكسر أمام هيمنة أبي بكر وعمر. وأبى أن يبايع وأدرك بعض الأنصار طبيعة اللعبة، وأحاطوا بأطرافها وعلموا أنها بداية لمسيرة طويلة، وأنها ستحول إلى (دولة) بين أبي بكر وعمر. وفي تلك اللحظة قال أبو بكر للحباب: أمنا تخاف يا حباب؟ قال: ليس منك أخاف، ولكن ممن يجئ بعدك. قال أبو بكر فإذا كان ذلك كذلك، فالأمر إليك وإلى أصحابك. ليس لنا عليكم طاعة، قال الحباب: هيهات يا أبا بكر، إذا ذهبت أنا وأنت جاءنا بعدك من يسومنا الضيم) (25).
إن معارضة (سعد بن عبادة (رض) لبيعة أبي بكر، تركت تحديا كبيرا لتيار (الرأي) وتشدده في الرفض لم يكن حبا في الإمارة، بقدر ما هو رفض لأبي بكر وعمر بن الخطاب. وللطريقة التي ركبوها في إلغاء رأي الآخرين. وتثبيت أنفسهم. فقال يومها سعد ابن عبادة: أما والله لو أن لي ما أقدر به على النهوض، لسمعتم مني في أقطارها زئيرا يخرجك أنت وأصحابك، ولألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع. خاملا غير عزيز. فبايعه الناس جميعا، حتى