الناس، (إلى أن قال) والله ما زلتم مؤثرين إخوانكم من المهاجرين، وأنتم أحق الناس ألا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم، وأبعد أن لا تحسدوا إخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم وإنما أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر. وكلاهما قد رضيت لكم ولهذا الأمر، وكلاهما له أهل. فقال عمر وأبو عبيدة: ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك يا أبا بكر) (49).
كان المخطط الذي رسمه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، وهم في طريقهم إلى السقيفة، متكاملا. ولم يفصل لنا التاريخ فيما قيل بين الثلاثة وهم في طريقهم إلى الأنصار وليس من المنطق، أن يسيروا كل هذه المسافة، دون أن يتحدثوا في موضوع السقيفة. المخطط هو أن تكون الخلافة - لهؤلاء الثلاثة. على أن يؤازر بعضهم بعضا، ويثني بعضهم على الآخر. وما دام أبو بكر هو المقرب في الحلف. قدموه على أن تكون الخلافة دولة بينهم، فأقبل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة. فقالوا: (يا معشر الأنصار! منا رسول الله، فنحن أحق بمقامه. وقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير! فقال أبو بكر: منا الأمراء وأنتم الوزراء. فقام ثابت ابن قيس ابن شماس، وهو خطيب الأنصار. فتكلم وذكر فضلهم. فقال أبو بكر، ما ندفعهم عن الفضل، وما ذكرتم من الفضل فأنتم له أهل. ولكن قريشا أولى بمحمد منكم. وهذا عمر بن الخطاب الذي قال رسول الله: (اللهم أعز الدين به. وهذا أبو عبيدة الذي قال رسول الله فيه: أمير هذه الأمة، فبايعوا أيهما شئتم! فأبيا عليه وقالا: والله ما كنا لنتقدمك، وأنت صاحب رسول الله وثاني اثنين فضرب أبو عبيدة على يد أبي بكر، وثنى عمر، ثم بايع من كان معه من قريش) (50).
ولم يقتنع أغلبية الحاضرين بهذه (اللعبة) المكشوفة. فقد قام الحباب ابن المنذر وقال: (يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا