وذكر ابن الأثير في تاريخه: (الصحيح أن أمير المؤمنين لم يبايع إلا بعد ستة أشهر. وقيل للزهري حسب رواية الطبري - أفلم يبايع علي ستة أشهر قال لا ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي).
إننا نريد أن نخرج من هذا الضباب الكثيف من المرويات. لنمسك بنتيجة شافية. فمأساة الإمام علي (ع) في المبايعة كانت من أشهر المآسي في تاريخ الإسلام. ولم يستضعف الإمام علي (ع) في جزيرة العرب يوما، مثلما استضعف بعد السقيفة على يد من زعموا لأنفسهم مقامات كبيرة. وكان بإمكان الإمام أن يحولها إلى فتنة ضاربة. ولكنه خاف على العقول الصغيرة والقلوب المشوهة، أن يشدها الكفر إليه مرة أخرى، وتستكين إلى الردة بعد أن أسلمت تحت وقع الحراب. إنه بقي صامتا. وترك التاريخ يتحدث عنه بالوكالة وهو (ع) لم يكن إلى هذه الدرجة حتى يستطيع رجل مثل عمر بن الخطاب فرار أحد، وجبان خيبر أن يقف أمام أبي الحسن (ع) أسد الحروب وعملاقها. ولكنه اختبأ في مجموعة من ضعاف الإيمان، والطلقاء من أمثال (قنفذ) الذي اخترق الباب على حريم البيت الهاشمي، ليرهب بضعة الرسول صلى الله عليه وآله فاطمة الزهراء (ع) فيفوز برضى برابرة السقيفة نحن هنا نتسأل عن هذا المفهوم الشورى الذي كان شعارا لفريق الرأي. إن الشورى كما فهمها الاجتماع البشري منذ النشوء الأول للاجتماع، إنها استخلاص حر للآراء والقرارات من قبل المجتمع. وإن هذه الشورى جاءت لتحل معضلة الاستبداد الذي أرهق الاجتماع البشري، إن مفهوم الشورى يعني معرفة رأي الآخر واحترامه. وليس الشورى إلا تعبيرا آخر عن احترام الآخر ورأيه في إطار الحرية. ليست الشورى طريقة إرهابية لاستطلاع الرأي ثم الحكم على صاحبه بالإعدام - كما الحال بالنسبة إلى سعد بن عبادة الخزرجي (رض) فهذه صورة أخرى للاستبداد. كما أن الشورى لا تعني إرهاب الآخر وإكراهه على الاعتراف بالرأي المقابل بالقوة والعنف. فحتى (الديمقراطيون) الذين مارسوا لفظا من الشورى في بعدها الوضعي، كانوا يحترمون الرأي الآخر. وحتى لو كان ذلك الرأي ضدهم، فهم يحاولون منع هذا عن تطبيق رأيه فقط! إن عمر لما جاء إلى بيت فاطمة (ع) وشرع في التحضير لحرقها، لم ينسجم مع روح الشورى لا