لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٤٤
وذكر ابن الأثير في تاريخه: (الصحيح أن أمير المؤمنين لم يبايع إلا بعد ستة أشهر. وقيل للزهري حسب رواية الطبري - أفلم يبايع علي ستة أشهر قال لا ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي).
إننا نريد أن نخرج من هذا الضباب الكثيف من المرويات. لنمسك بنتيجة شافية. فمأساة الإمام علي (ع) في المبايعة كانت من أشهر المآسي في تاريخ الإسلام. ولم يستضعف الإمام علي (ع) في جزيرة العرب يوما، مثلما استضعف بعد السقيفة على يد من زعموا لأنفسهم مقامات كبيرة. وكان بإمكان الإمام أن يحولها إلى فتنة ضاربة. ولكنه خاف على العقول الصغيرة والقلوب المشوهة، أن يشدها الكفر إليه مرة أخرى، وتستكين إلى الردة بعد أن أسلمت تحت وقع الحراب. إنه بقي صامتا. وترك التاريخ يتحدث عنه بالوكالة وهو (ع) لم يكن إلى هذه الدرجة حتى يستطيع رجل مثل عمر بن الخطاب فرار أحد، وجبان خيبر أن يقف أمام أبي الحسن (ع) أسد الحروب وعملاقها. ولكنه اختبأ في مجموعة من ضعاف الإيمان، والطلقاء من أمثال (قنفذ) الذي اخترق الباب على حريم البيت الهاشمي، ليرهب بضعة الرسول صلى الله عليه وآله فاطمة الزهراء (ع) فيفوز برضى برابرة السقيفة نحن هنا نتسأل عن هذا المفهوم الشورى الذي كان شعارا لفريق الرأي. إن الشورى كما فهمها الاجتماع البشري منذ النشوء الأول للاجتماع، إنها استخلاص حر للآراء والقرارات من قبل المجتمع. وإن هذه الشورى جاءت لتحل معضلة الاستبداد الذي أرهق الاجتماع البشري، إن مفهوم الشورى يعني معرفة رأي الآخر واحترامه. وليس الشورى إلا تعبيرا آخر عن احترام الآخر ورأيه في إطار الحرية. ليست الشورى طريقة إرهابية لاستطلاع الرأي ثم الحكم على صاحبه بالإعدام - كما الحال بالنسبة إلى سعد بن عبادة الخزرجي (رض) فهذه صورة أخرى للاستبداد. كما أن الشورى لا تعني إرهاب الآخر وإكراهه على الاعتراف بالرأي المقابل بالقوة والعنف. فحتى (الديمقراطيون) الذين مارسوا لفظا من الشورى في بعدها الوضعي، كانوا يحترمون الرأي الآخر. وحتى لو كان ذلك الرأي ضدهم، فهم يحاولون منع هذا عن تطبيق رأيه فقط! إن عمر لما جاء إلى بيت فاطمة (ع) وشرع في التحضير لحرقها، لم ينسجم مع روح الشورى لا
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405