يوم الاثنين (12 من ربيع الأول، (32) ودفن من الغد نصف النهار، (33) وذكر اليعقوبي (إن وفاته صلى الله عليه وآله كان طالع سنتها الجدي ثماني عشر درجة) (24).
وفي أثناء مرضه واحتضاره صلى الله عليه وآله كما بعد وفاته، جرت أحداث خلفت وراءها محنا سياسية واجتماعية رهيبة. ولكي نفهم مشكلة الخلافة وملابساتها، لا بد من استحضار هذه المشاهد. واستنطاق الفواصل الحساسة فيها، من أجل الخروج بمخطط فكري وسياسي، يمكننا فهم الحالة الإسلامية بعد الرسول (ص).
لقد ابتدأ على الرسول صلى الله عليه وآله المرض، وهو قد جهز جيش أسامة بن زيد، وكان من المنطقي - حسب النظرة التي نحملها نحن الآن عن الصحابة الكبار وميزاتهم كأبي بكر وعمر وعثمان. أن يعقد الرسول صلى الله عليه وآله لأحد كبار الصحابة.
لكنه عقد لأسامة، وهو يومها فتى صغيرا. وكثر الطعن في ذلك، وتكلم بعض الصحابة في إمارة أسامة، وقالوا كلاما يمجه منطق الصحبة والإيمان.
ذكر ابن سعد في الطبقات، إن سرية أسامة بن زيد بن حارثة إلى أهل (ابني) وهي أرض السرات ناحية البلقاء. وقال (فلما كان يوم الأربعاء بدء برسول الله صلى الله عليه وآله المرض، فحم وصدع فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده ثم قال: اغز بسم الله في سبيل الله فقاتل من كفر بالله فخرج وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وغيرهم، فتكلم قوم وقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة فصعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال (أما بعد، أيها الناس، فما مقالة بلغني عن بعضكم في إمارة أسامة. ولئن طعنتم في إمارة أسامة لقد طعنتم