وفي الكامل لابن الأثير، قال عمر لأبي بكر: (إن سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه في ذلك. فقال: يا عمر: تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد، فإني لا أشيم سيف سله الله على الكافرين).
كان قتل مالك بن نويرة رحمة الله عليه بعد أن أمنوه. ولم يسمع خالد بن الوليد لكلامه. وأبى إلا أن يقتله ليسطو على زوجه، تلك التي كانت فارهة الجمال وهي (ليلى بنت المنهال أم تميم) وكانت على حد تعبير العقاد: (من أشهر نساء العرب بالجمال، ولا سيما جمال العينين والساقين قال: يقال أنه لم ير أجمل من عينيها ولا ساقيها) (65) هذا مما أفقد خالد بن الوليد توازنه. فقتل مالك بن نويرة، صبرا، وجعل رأسه أثفية لقدر. حسب (وفيات الأعيان) لابن خلكان. وبني بزوجته في تلك الليلة. على أن (المرأة) لم تكن (سبية) وبناءه بها حتى مع افتراض (سبيتها) يبقى أمرا حراما إذا لم يتم استبراؤها. وهذا ما جعل كثيرا من الصحابة، وحتى عمر بن الخطاب يقدمون على (اتهامه). فأين أنتم يا فقهاء، ويا من نادوا بالاحتياط في الدماء والفروج.. ها هو خالد العبقري، جمع بين الاثنين!!!.
ومالك هذا لم يكن رجلا عاديا. فلقد كان من المسلمين الذين ولاهم الرسول صلى الله عليه وآله في حياته على صدقات أقوامهم. لقد كان مالك بن نويرة (66) ممن أسلم طواعية في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وأسلم مع قومه بنو يربوع. وما كان - رحمه الله - يريد سوى التريث بالزكاة الشرعية حتى ينجلي أمر الخلافة. وذلك شكا منه في مصداقية خلافة أبي بكر. لذلك ما كان ينوي محاربة خالد بن الوليد. ولقد قتله هذا الأخير، وهو لم يرفع في وجهه سيفا. ورثاه أخوه متمم بن نويرة، لما قال على مرآى ومسمع من أبي بكر بعد أن فرغ من الصلاة:
نعم القتيل إذا الرياح تناوحت * خلف البيوت قتلت يا ابن الأزور