وكان عمر وأبو بكر قد سمعا باجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة. فلحقوا بهم حتى لا يفوتا عليهما الفرصة. ومال جماعة من الأنصار إلى سعد ابن عبادة زعيم الخزرج، وكان مريضا وفي تاريخ اليعقوبي: وبلغ أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ابن الجراح الخبر فقالوا: يا معشر الأنصار، منا رسول الله صلى الله عليه وآله، وفي (الإمامة والسياسية) (47) فأجابوا جميعا (أي أجاب الأنصار سعد ابن عبادة) أن قد وفقت في الرأي، وأصبت في القول. ولن نعدو ما رأيت توليانك هذا الأمر.
فأنت مقنع ولصالح المؤمنين رضا. قال فأتى الخبر إلى أبي بكر ففزع أشد الفزع.
فقام معه عمر فخرجا مسرعين إلى سقيفة بني ساعدة).
لقد فزع أبا بكر لما رأى الأنصار مجتمعين في السقيفة. وما فزع لوفاة الرسول صلى الله عليه وآله ولم يحزن كما حزن آل البيت (ع) المنشغلون بتجهيز الرسول صلى الله عليه وآله لقد توفي الرسول صلى الله عليه وآله وأبو بكر، في منزله بالسنخ مع أهله.
لقد ذكر ابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق: لما كان يوم الاثنين خرج رسول الله صلى الله عليه وآله عاصبا رأسه (إلى أن قال) قال: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من كلامه. قال أبو بكر، يا نبي الله إني أراك قد أصبحت أبنعمة من الله وفضل كما تحب، واليوم يوم ابنت خارجة، أفأتيها؟ قال: نعم: ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنخ) (48) (أخرجه الطبري).
ولم يفزعه أمر (الوفاة) مثل ما أفزعه أمر (السقيفة). وما أن رأى الأنصار أبا بكر وعمر، وعلموا مدى حرصهما على الفوز بالخلافة حتى قالوا: منا أمير ومنكم أمير! ولم يستطع أبا بكر إقناعهم. فتقدم عمر بن الخطاب وقال:
(خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام. فلما تيسر عمر للكلام، تجهز أبو بكر وقال له: على رسلك. فستكفى الكلام، فتشهد أبو بكر، وانتصب له