والإخلاص والتقوى والهداية؟
جواب التساؤل الثاني:
نقول: أن النبي (ص) ملتزم بالمستحبات كالتزامه بالواجبات فلما كان يشتغل بالعبادة بين فرضي الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فبعض الصحابة يذهب لقضاء بعض شؤونه القريبة ويرجع إلى مسجد النبي (ص) فتوهم البعض أن التفريق واجب في حين من كان ملتصقا بالنبي (ص) عرف إن الفصل إنما هو للنوافل فلو لم يأت بالنوافل كما في بعض الروايات فإنه يجمع بين الصلاتين، فأمثال ابن عباس وأنس بن مالك وأهل البيت (ع) لما كانوا على مقربة قريبة من النبي (ص) عرفوا معنى التفريق الصوري وأنه لأجل النوافل فقط. ولقد أدرك الدكتور وهبة الزحيلي في موسوعته ذلك فقال:
الحق جواز الجمع لثبوته بالسنة والسنة مصدر تشريعي كالقرآن (1).
ومن قرأ التاريخ بإمعان عرف أن المدينة المنورة صغيرة نسبيا فبناء المنزل يقتصر فيه على ما يكفي للمنام وإيواء الضيف ولا يوجد تلك المساحات الكبيرة في المنازل ومما يدل على صغر حجم المدينة المنورة آنذاك أن المسجد النبوي كان في وسط المدينة والبقيع كان خارج المدينة في حين أن البعد بين المسجد والبقيع بضعة أمتار لا يتجاوز الخمسمائة متر في أبعد التقادير.
كما إن المدينة تشكل دائرة نصف قطرها خمسمائة متر تقريبا، وهذا القدر من المساحة يمكن الوصول إليه في وقت قصير والنبي (ص) يطيل في نوافله. كما أن من رأى بعض الآثار إلى وقت قريب يرى مدى صغر المنازل وتلاصقها.