السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ٣٩
فكيف يمكن لمن في مثل سنها أن ترث كل هذا العلم الذي ينسبونه إليها وقد قضت سني بلوغها مع الرسول في شكل وغيرة وغرام كما تحكي الروايات على لسانها؟.
وكيف يمكن للرسول أن يأتمن امرأة في مثل هذا السن على علم السماء؟ أليس هذا يتناقض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة (68).
وقد قيل عنها أنها روت عن الرسول أربعين ألف حديث فكيف وعت كل هذا الكم من الأحاديث عن الرسول في فترة البلوغ القصيرة التي قضتها مع الرسول.؟. إن مثل عائشة كمثل أبي هريرة كلاهما روى كما هائلا من الأحاديث على لسان الرسول في مدة تثير الشك في هذا الكم ومدى تناسبه مع فترة معايشتهم.
إن الأمر على ما يبدو يتجاوز عائشة وأبو هريرة. إنه خط يريد أن يفرض على الأمة من خلالهما مما سوف يتضح عند استعراضنا موقف عائشة من الإمام علي وإن محاولة إرجاع موقف عائشة العدائي من الإمام إلى حادث الإفك وقول الإمام للرسول (تزوج يا رسول الله إن النساء كثيرات) إنما هو تسطيح لحقيقة الموقف وجذوره. فقد وقفت عائشة من بعد وفاة الرسول إلى جوار أبيها ضد الإمام وأنصاره من الصحابة وضد فاطمة التي اصطدمت بأبيها بسبب ميراث الرسول وقاطعته وتوفت غاضبة عليه..
ولا شك أن الإمام كان يمثل خط آل البيت الذي اصطدم بجبهة القبليين والمنافقين بعد وفاة الرسول بسبب الخلافة. وعندما يتبين لنا أن عائشة كانت تقف في صف الجبهة المناوئة للإمام تتكشف لنا جذور موقفها العدائي منه..
ودور عائشة في مواجهة الإمام إنما برز بشكله السافر في عهد الإمام وبعد مقتل عثمان. فلم تكن هناك حاجة لبروزها في عهد أبيها وعهد عمر من بعده لسيادة الخط القبلي واختفاء خط الإمام.
وبعد سيادة الخط الأموي بعد مرحلة صفين استثمرت مواقف عائشة من الإمام

(68) البخاري. كتاب المغازي. باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة