أما وجود الإمام فهو يمثل تهديدا صارخا لأنه يرفع راية إسلام آخر يكشف زيف إسلامهم وفي حالة وجود عثمان أو سواه على دفة الحكم كان معاوية سيخرج رافعا رايته. فقد كانت المسألة بالنسبة له مسألة وقت كان وصول الإمام إلى الحكم قد اختصره..
وأما مواجهة الإمام للخوارج فهي تعكس خصوصيته بمواجهتهم والتصدي لنمطية الفكر والطرح الذي يطرحونه والذي يمثل تهديدا للإسلام النبوي. ويمثل نمطية ثابتة ومستمرة في مواجهة هذا الإسلام على مر الزمان. وكما تم القضاء على الخوارج على يد الإمام علي فلن يتم مواجهتهم والقضاء عليهم بعد الإمام إلا بواسطة خط الإمام..
إن الإمام علي لم يكن يهدف من وراء هذه المواجهة إلى القضاء على عائشة أو معاوية أو الخوارج بقدر ما كان يهدف إلى إقامة الحجة وإظهار الحق وتعرية الباطل ورفع راية الإسلام النبوي.
وهذه هي حقيقة دور الإمام..
إظهار الحق وإن لم يتحقق تمكينه وسيادته..
وتعرية الباطل وإن لم يتم القضاء عليه..
الجمل يروى أن أبا بكر استأذن على النبي (ص) فسمع صوت عائشة عاليا وهي تقول: والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي.. (1) وسئلت عائشة من كان رسول الله (ص) مستخلفا؟ قالت: أبو بكر. قيل ثم من؟ قالت: عمر. قيل ثم من لله قالت: أبو عبيدة بن الجراح.. (2) إن الرواية الأولى تكشف لنا أن هناك موقفا معاديا من علي تتبناه عائشة. وأن هذا الموقف يعود سببه إلى تفضيل الرسول (ص) لعلي على أبيها..