السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ٨٣
وإن إدراك عمر لخطورة معاوية ليتجلى لنا بوضوح من خلال تصريحه لمجموعة الشورى حين طعن حيث قال: إياكم والفرقة بعدي فإن فعلتم فاعلموا أن معاوية بالشام فإذا وكلتم إلى رأيكم كيف يستبزها منكم.. (30) إذن معاوية يتأهب للاستيلاء على الحكم..
وعمر يدرك ذلك ويحذر الصحابة منه قبل وفاته وكان يضرب عرض الحائط بتحذيرات الصحابة من معاوية أثناء حياته..
تأمل قول عمر: دعونا من ذم فتى من قريش. من يضحك في الغضب.
ولا ينال ما عنده من الرضا. ولا يؤخذ من فوق رأسه إلا من تحت قدميه.. (31) وما كان عمر يقول مثل هذا الكلام لولا أن هناك اتجاه من بين الصحابة يذم معاوية ويحذر عمر منه. فهل أدرك عمر خطورة معاوية متأخرا..؟
إن الروايات التي بين أيدينا لا تقودنا إلى هذا الاستنتاج بالطبع..
عمر والاستخلاف حين طعن عمر جعل الشورى في ستة يختار من بينهم من يخلفه وهؤلاء الستة هم طلحة والزبير و عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعثمان ثم الإمام علي..
وبالتأمل في سيرة الخمسة غير الإمام علي نجدهم لا يمكن بحال أن يتفقوا على الإمام بل هم من خصومه وهم في الأساس من أركان الخط القبلي الذي أوصل عمر للحكم.. فلماذا اختار عمر هؤلاء الستة وهو يعلم يقينا أنهم لن يجمعوا على الإمام علي ولن يرضى علي بأحد منهم..؟ (32).
ولقد سارت عملية الشورى بطريقة هزلية لتستقر في النهاية بالخلافة في أحضان الخط الأموي وكأنه أمر مدبر ومرسوم..

(30) الإصابة ترجمة معاوية.
(31) أنظر الإستيعاب بهامش الإصابة.
(32) أنظر سيرة الخمسة وتبين مواقفهم من الرسول ومواقف الرسول منهم ومدى سيطرة الروح القبلية على مواقفهم وممارساتهم. في كتب التراجم.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة