السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ٤٤
ونعود إلى الروايات التي نحن بصددها فنقول أن الروايات التي تكشف لنا تساؤلات القوم حول وصية الرسول واختصاص الإمام علي بها إنما تعطينا مدلولا هاما وهو أن هناك وصية يحاول البعض التعتيم عليها فيختلقون الروايات على لسان الإمام التي تنفي هذه الوصية.
وليس من المقبول عقلا أن الإمام علي المشهود له من قبل جميع الأطراف بوافر العلم وهو الذي قال فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنا مدينة العلم وعلي بابها.. (84) ليس من المقبول عقلا أن يكون ميراثه العلمي من الرسول هو تلك الأمور الشكلية مثل فكاك الأسير وعدم قتل المسلم بالكافر والقصاص بينما نجد واحدة مثل عائشة يقول فيها ابن حجر أنها حفظت عن الرسول شيئا كثيرا فأكثر الناس الأخذ عنها ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئا كثيرا حتى قيل أن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها.. (85) وليس من المعقول أن واحدا مثل أبو هريرة أو ابن عمر يرثان من علم رسول الله ما يفوق الإمام بنسبة لا تجعل هناك مجالا للمقارنة.. (86) إن مثل هذا الأمر يثير الشك في نفوس العقلاء. غير أن تقص حركة الرسول وعلاقة الإمام علي به سرعان ما تكشف لنا أن رفع عائشة وابن عمر وأبو هريرة على حساب الإمام إنما هي مسألة سياسية من صنع بني أمية.. والمدقق في خط بني أمية الذي تحول فيما بعد إلى أهل السنة والجماعة يتبين له أن هذا الخط يرتكز على هذه الشخصيات الثلاثة..
وليس من المعقول أيضا أن يترك الرسول الأمة بلا وصية فهذا الأمر يناقض القرآن الذي جاء به ويخل بمهمته ودوره كرسول خاتم.

(84) رواه ابن المغازلي في مناقبه. والخطب في تاريخ بغداد. والترمذي بلفظ أنا دار الحكمة وعلي بابها..
(85) فتح الباري ح‍ 7 / 107 شرح فضائل عائشة.
(86) أنظر أضواء على السنة. وانظر هدى الساري مقدمة شرح البخاري لابن حجر وفيه إحصائية بكم الأحاديث التي رواها كبار الصحابة. ويتضح من هذه الإحصائية أن عائشة روت (242) وأبو هريرة روى (446) وابن عمر روى (270) بينما روى الإمام علي (29) وفاطمة حديثا واحدا..
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة