السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ٤٩
تعد مرحلة السقيفة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) مرحلة سيادة الخط القبلي على واقع المسلمين. فقد أخذ هذا الخط امتداده وشرعيته من تلك المرحلة متسترا بستار الشورى..
إن الراصد لما دار في السقيفة يتبين له بوضوح أن الأمر كان أبعد ما يكون عن الشورى وإنما هو في الحقيقة أشبه بالانقلاب على خط واضح الملامح وضع أسسه الرسول (صلى الله عليه وسلم).
ومن السذاجة تصور أن معاوية حمل راية المواجهة ضد الإمام دون أن يستند إلى ركائز ثابتة تؤهله برفع هذه الراية. وهذه الركائز إنما كانت تقوم على أساس الواقع القبلي الذي فرض في مرحلة السقيفة واستمر حتى عصر الإمام علي..
كلمة التاريخ:
يروي شهاب الدين النويري أحداث السقيفة قائلا: وكان من خبر سقيفة بني ساعدة أنه لما توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة وقالوا: نولي هذا الأمر بعد رسول الله سعد ابن عبادة. وأخرجوا سعد إليهم وهو مريض. فلما اجتمعوا قال سعد لأبيه أو لبعض بني عمه: إني لا أقدر أشكو أي أن أسمع القوم كلهم كلامي. ولكن تلق مني قولي فاسمعوه. فكان سعد يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع به صوته. فيسمع أصحابه. فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا معشر الأنصار. إن لكم سابقة في الدين. وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب. إن محمدا (صلى الله عليه وسلم) لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عباده الرحمن وخلع الأوثان. فما آمن به من قومه إلا رجال قليل. والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله. ولا أن يعزوا دينه. ولا أن يدفعوا عن أنفسهم فيما عموا به. حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة. وخصكم بالنعمة ورزقكم الإيمان به ورسوله والمنع له ولأصحابه. والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه. فكنتم أشد الناس على عدوه من غيركم حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها. وأعطى البعيد المفادة صاغرا داخرا وحتى أثخن الله
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة