السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١٤٣
وجواز أخذ المال على ذلك. واستدل به على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية وعلي.. (53) لقد بنى الفقهاء أحكاما على رواية الصلح هذه كما هو واضح من كلام ابن حجر الذي بالغ في الاستنباط إلى درجة جواز النزول عن الوظائف الدينية مقابل المال. وهذا الأمر أن دل على شئ فإنما يدل على أن فقه القوم ينظر إلى الوظائف الدينية نظرة استخفاف. وهذه النظرة هي التي بررت سلوك الفقهاء مع الحكام وتعايشهم معا..
فما دام الحسن قد تقاضا مالا على الصلح مع معاوية..
وما دام الرسول صلى الله عليه وسلم قد حكم أن الطائفتين من المسلمين..
وما دام سعد أو سعيد كلاهما أفضل من الحسن..
فإذا ذلك كله يبرر التنازل عن العقائد والمبادئ من أجل المال..
ويبرر القعود عن نصرة الحق ما دامت الطائفتين من المسلمين..
ويبرر أن يحكم المسلمين المفضول مع وجود الأفضل..
وعلى أساس هذه التبريرات قامت عقائد وتأسست مفاهيم في فقه القوم انعكست على فكرة الدولة والحكم وعلاقة الحاكم بالرعية. وعلاقة الفقيه بالحاكم..
كربلاء..
كانت وقعة كربلاء آخر صورة من صور الصدام المسلح بين الإسلام النبوي والإسلام الأموي استتر بعدها الإسلام النبوي بينما أخذ الإسلام الأموي امتداده وانتشاره وسيادته..
منذ ذلك الحين حلت لغة البيان والقلم مكان لغة السيف في خط المواجهة بين الإسلام النبوي والإسلام الأموي..

(53) أنظر فتح الباري ح‍ 13 / 66 / 67..
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة