عبد المطلب، إني بعثت إليكم بخاصة، وإلى الناس بعامة، وقد رأيتم من هذا الأمر، ما قد رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون: أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقيم إليه أحد، فقمت إليه - وكنت أصغر القوم - قال: فقال: إجلس، قال: ثم قال ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه، فيقول لي: إجلس، حتى كان في الثالثة، فضرب يده على يدي، قال: فبذلك ورثت ابن عمي صلى الله عليه وسلم، دون عمي (1).
وفي السيرة الحلبية: أنه لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع صلى الله عليه وسلم، بني عبد المطلب في دار أبي طالب، وهم أربعون رجلا - وفي الإمتاع خمسة وأربعون رجلا - فصنع لهم (علي) طعاما - أي رجل شاة مع مد من البر، وصاعا من لبن - فقدمت لهم الجفنة، وقال: كلوا بالسم الله، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا حتى نهلوا - وفي رواية حتى رووا -، وفي رواية قال: ادنوا عشرة عشرة، فدنا القوم عشرة عشرة، ثم تناول القعب الذي فيه اللبن، فجرع منه ثم ناولهم، وكان الرجل منهم يأكل الجذعة، وفي رواية: يشرب العس من الشراب في مقعد واحد، فقهرهم ذلك.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتكلم، بدره أبو لهب بالكلام، فقال: لقد سحركم صاحبكم سحرا عظيما، وفي رواية: ما رأينا كالسحر اليوم، فتفرقوا ولم يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما كان الغد قال: يا علي عد لنا بما صنعت بالأمس من الطعام والشراب، قال علي: ففعلت، ثم جمعتهم له صلى الله عليه وسلم، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا حتى نهلوا، ثم قال لهم: يا بني عبد المطلب، إن الله قد بعثني إلى الخلق كافة، وبعثني إليكم خاصة، فقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان، شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر، ويؤازرني - أي يعاونني - على القيام به؟