ثالثا - أدلة إمامة الإمام علي بن أبي طالب:
انقسم العلماء في تفسيرهم لأدلة إمامة سيدنا الإمام علي بن أبي طالب إلى فريقين، الواحد: يرى أنها كانت بمثابة توجيهات من النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر:
يرى أنها كانت نصا - بل نصوصا - من النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما عن الفريق الأول - وتمثله جمهرة كبيرة من المسلمين من أهل السنة، أو قل من غير الشيعة، يقول الأستاذ العقاد: مهما اختلف الرواة في تأويل الأحاديث النبوية في فضل الإمام علي ومحبته ومنزلته عند الله ونبيه صلى الله عليه وسلم - وهي تعد بالعشرات - فالذي يسعك أن تجزم به من وراء اختلافهم، أن عليا كان من أحب الناس إلى النبي، إن لم يكن أحبهم إليه على الإطلاق.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يغمر بالحب كل من أحاط به، من الغرباء والأقربين، فأي عجب أن يخص بالحب من بينهم إنسانا، كان ابن عمه، الذي كفله وحماه، وكان ربيبه الذي أوشك أن يتبناه، وكان زوج ابنته العزيزة عنده، وكان بديله في الفراش ليلة الهجرة، التي هم المشركون فيها بقتل من يبيت في فراشه، وكان نصيره، الذي أبلى أحسن البلاء في جميع غزواته، وتلميذه الذي علم من فقه الدين، ما لم يعلمه ناشئ في سنه؟
حب النبي صلى الله عليه وسلم، لهذا الإنسان - الإمام علي - حقيقة لا حاجة بها إلى تأويل، ولا إلى تفسير النصوص، لأنها حقيقة طبيعية، أو حقيقة بديهية، قائمة من وراء كل خلاف.
ومما لا خلاف فيه كذلك، أنه صلى الله عليه وسلم، كان لا يكتفي بحبه إياه، بل كان يسره ويرضيه، أن يحببه إلى الناس، وكان يسوءه ويغضبه أن يسمع من يكرهه ويجفوه.
وكثيرا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يرد على من يشكو الإمام علي بقوله الشريف:
(علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)، أو بقوله الشريف: (أيها