يشك في أن الأمر له، وأن أحدا من الناس لا ينازعه في الخلافة، ومن ثم فقد قال له عمه العباس بن عبد المطلب: (أمدد يدك أبايعك)، فيقال: عم رسول الله، بايع ابن عم رسول الله، فلا يختلف عليك اثنان)، فقال الإمام، يا عم، وهل يطمع فيها طامع غيري؟ قال: ستعلم، فقال الإمام: (إني لا أحب هذا الأمر من وراء رتاج، وأحب أن أصحر به، فسكت عنه) (1).
وفي رواية: يقول العباس للإمام: فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة، فدعوناك إلى أن نبايعك، وقلت لك: أبسط يدك أبايعك، ويبايعك هذا الشيخ، فإنا إن بايعناك، لم يختلف عليك أحد من بني عبد مناف، وإذا بايعك بنو عبد مناف، لم يختلف عليك أحد من قريش، وإذا بايعتك قريش لم يختلف عليك أحد من العرب، فقلت: لنا بجهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، شغل، وهذا الأمر فليس نخشى عليه، فلم نلبث أن سمعنا التكبير من سقيفة بني ساعدة فقلت: يا عم، ما هذا؟ قلت: ما دعوناك إليه فأبيت، قلت: سبحان الله!
أيكون هذا! قلت: نعم، قلت: أفلا يرد؟ قلت لك: وهل رد مثل ذا قط!) (2).
وروى البلاذري عن جابر بن عبد الله قال: قال العباس لعلي: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرج حتى أبايعك على أعين الناس، فلا يختلف عليك اثنان، فأبى وقال: أو منهم من ينكر حقنا، ويستبد علينا؟ فقال العباس: سترى أن ذلك سيكون، فلما بويع أبو بكر، قال له العباس: ألم أقل لك يا علي (3).
وهكذا نظر الإمام علي - ومعه بنو هاشم جميعا - إلى ميراثهم من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم أحق الناس بالخلافة، فلقد قال أبو بكر للأنصار في اجتماع