مرتين، وفي الثانية قال لهم: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب، جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى: أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فأحجم القوم عنها جميعا قلت (أي الإمام علي): وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا:
(أنا يا نبي الله أكون وزيرك)، فأخذ صلى الله عليه وسلم، برقبتي، ثم قال: (إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا). قال: فقام القوم يضحكون، فيقولون لأبي طالب: (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع) (1).
وروى الإمام الطبري في تاريخه بسنده عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يا علي، إن الله أمرني، أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر، أرى منهم ما أكره، فصمت عليه، حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد: إنك ألا تفعل ما تؤمر به، يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رحل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا - يزيدون رجلا أو ينقصونه - فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم، حذية من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة.