المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم مع بعض في مكة قبل الهجرة ومن وقوعها بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة، وفي الصحيح أن زيد بن حارثة قال عن إمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، ابنة أخي، وذلك بسبب المؤاخاة بين حمزة وزيد، هذا وقد ذكر ذلك الحاكم في الإكليل، وأبو سعد النيسابوري في شرف المصطفى، هذا فضلا عن أن الحاكم قد أخرج في المستدرك، وابن عبد البر في الإستيعاب أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين الزبير وابن مسعود (1).
ويقول العلامة أبو زهرة: وما ينكره (ابن القيم) نحن نثبته، ونرجح أن المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم مع بعض، والأنصار بعضهم مع بعض نقررها، وذلك لأن الحافظ ابن كثير لم يتكلم في صحة هذه الرواية المثبتة، ولأن قصر الباعث في المؤاخاة على مجرد تمكين المهاجرين من الارتفاق من إخوانهم الأنصار، قصر لا دليل عليه، بل هو أخذ من ظاهر الهجرة والإيواء والنصرة، كما صرح بذلك القرآن الكريم.
ثم يقول: إن المؤاخاة ليس المقصود منها - فيما نحسب - هذا الارتفاق فقط، ولكن آثار غير ذلك:
منها (أولا) عقد الألفة بين الضعيف والقوي، وتمكين الصحبة بين المؤمنين، وألا يتعالى مؤمن على مؤمن، وناهيك بمؤاخاة حمزة - الشريف النسب - مع زيد بن حارثة، المولى، الذي كان عبدا، ومن النبي صلى الله عليه وسلم، عليه بالعتق، وكان قد أعلاه، وجعله ابنا له، حتى حرم الله تعالى الأدعياء، وقال سبحانه وتعالى: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم)، فكان من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله أخا لابن عبد المطلب.
ومنها (ثانيا) أن المهاجرين كانوا من قبائل مختلفة، والقرشيون منهم،