الخطاب، وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وبين الزبير وابن مسعود، وبين عبادة بن الحارث وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين سعيد بن زيد وطلحة بن عبيد الله، وبين علي بن أبي طالب وبين نفسه صلى الله عليه وسلم، وقال: أما ترضى أن أكون أخاك، قال: بلى يا رسول الله، رضيت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنت أخي في الدنيا والآخرة (1).
هذا وقد أنكر (ابن تيمية) مؤاخاة المهاجرين بعضهم لبعض، وخصوصا بين المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة، وقال: إن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ولا معنى لمؤاخاة مهاجرين لمهاجرين، لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم ببعض (2).
وقد تابع (ابن تيمية) في رأيه هذا، (ابن القيم) و (ابن كثير)، وقال (ابن القيم): إن المؤاخاة كانت بين المهاجرين والأنصار، وأن المهاجرين كانوا مستغنين بأخوة الإسلام، وأخوة الدار، وقرابة النسب، عن عقد مؤاخاة، بخلاف المهاجرين مع الأنصار، ولو آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين، لاختار الصديق، رضي الله عنه (3).
هذا وقد رد (ابن حجر العسقلاني) على ذلك - فيما يروي الزرقاني في شرح المواهب اللدنية - بأن هذا القول رد للنص بالقياس، وأن الحكمة في مؤاخاة المهاجرين أن بعضهم كان أقوى من بعض، في المال والعشيرة، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم، بين الأعلى والأدنى، ليرتفق الأدنى بالأعلى، وبهذا ظهرت الحكمة في مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم، لعلي رضي الله عنه، لأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يقوم بأمره قبل البعثة وبعدها (4).