وصدق الإمام علي في قوله هذا، تصديقا لقول المعصوم، سيد الأنبياء والمرسلين، سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، فهذه منزلة رفيعة، لا يتطاول إليها أحد من العالمين، ولا يدعيها أحد، غير الإمام علي، إلا كان كاذبا في ادعائه، مفتريا على الله ورسوله، بل حتى الذين أنكروا المؤاخاة بين النبي صلى الله عليه وسلم، والإمام علي، إنما كانت حجتهم ضعيفة، وفي أحسن الأحوال، إنما كان قولهم ردا للنص بالقياس، بل إن الحافظ ابن كثير - بعد أن تردد في ذلك - قال: اللهم إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، لم يجعل مصلحة علي إلى غيره، فإنه كان مما ينفق عليه من صغره، في حياة أبيه أبي طالب، فآخاه بهذا الاعتبار - كما أشرنا آنفا.
وفي الحق أن الإمام علي إنما كان لسيدنا ومولانا وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كان أخا وابنا وعونا - دائما وأبدا - حتى كان آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بالحياة، بل كان يقوم، بما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وسلم، في أموره الخاصة، ولعل حوادث: ليلة الهجرة، ويوم تبوك، ويوم براءة، مما يؤيد وجهة نظرنا هذه (1).
ولعل سائلا يتساءل: ما مدلول هذا الإخاء بين النبي صلى الله عليه وسلم، والإمام علي؟
وهل يضيف ما لعلي من فضل في خاصة نفسه، وما أعطى لله ولرسوله من جهاد وتضحية وإيثار؟
من البدهي أن الجواب نعم، وقد أمسك علي نفسه - فيما يرى الأستاذ الخطيب - بهذا الفضل العظيم، والشرف الكبير، اللذين كانا من هذا النسب