قراءة القرآن أو العمل به؟ فقال معاوية: العمل به، قال ابن عباس: كيف نعمل به، ونحن لا نعلم ما عنى الله، قال معاوية: سل عن تفسيره غيرك، وغير آل بيتك، قال ابن عباس: نزل القرآن على أهل بيتي، فنسأل عنه آل أبي سفيان، أتنهانا يا معاوية، أن نعبد الله بالقرآن، بما فيه من حلال وحرام، إن الأمة، إذا لم تسأل عن القرآن، بما فيه من حلال وحرام، وتعمل به هلكت.
قال معاوية: اقرأوا القرآن وفسروه، ولكن لا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم، وارووا ما سوى ذلك، قال ابن عباس: إن الله يقول: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم * ويأبى الله إلا أن يتم نوره * ولو كره الكافرون) (1).
قال معاوية يا ابن عباس، إربع على نفسك، وكف لسانك، وإن كنت لا بد فاعلا، فليكن ذلك سرا، لا يسمعه أحد علانية، ثم رجع معاوية إلى بيته، وبعث إلى ابن عباس بمائة ألف درهم، ونادى مناديه: (أن برئت الذمة ممن روى حديثا في مناقب علي وأهل بيته) (2).
وروى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب (الأحداث) قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله، بعد عام الجماعة: (أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب (أي الإمام علي) وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة، وعلى كل منبر، يلعنون عليا، ويبرأون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام، فاستعمل عليهم زياد بن سمية، وضم إليه البصرة، فكان يتتبع الشيعة، وهو بهم عارف، لأنه كان منهم على أيام علي عليه السلام، فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل