العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.
وكتب معاوية إلى جميع عماله في الآفاق: (أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة). وكتب إليهم: (أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته، الذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوهم إلي بكل ما يروي كل رجل منهم، واسمه واسم أبيه وعشيرته) (1).
ثم كتب إليهم (لا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب (أي الإمام علي)، إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب إلي، وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضائله) (2).
وهكذا أصبح الرواة يتحرجون من الرواية عن أهل البيت - وعلى رأسهم الإمام علي - وكان الإمام علي، كما هو معروف، أقضى الصحابة وأعلمهم، وهو باب مدينة العلم، وكانت له روايات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لازمه أطول مدة متصورة، بل إن الإمام - وقد قدر له أن يربى في حجر النبوة، وأن يشهد مطلع الرسالة الإسلامية من يومها الأول، وأن يتلقى من فم النبي صلى الله عليه وسلم، مفتتح الرسالة ومختتمها، وما بين مفتتحها ومختتمها، مما نزل به الوحي من آيات الله - كان من ثم أوفر الناس - من زوج وولد وصاحب - حظا، وأطولهم صحبة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنذ ولد الإمام علي، وهو بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، - قبل النبوة وبعدها - لم يفترق عنه في سلم أو حرب (ما عدا تبوك)، وفي حل أو سفر، وتحت سمعه وبصره، إلى أن لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالرفيق الأعلى،