إنك قد بلغت ما أملت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل (أي الإمام علي)، فقال: لا والله، حتى يربو عليها الصغير، ويهرم عليها الكبير، ولا يذكر له ذاكر فضلا (1).
ويحدثنا الإمام الطبري في تاريخه (2): أن معاوية بن أبي سفيان قال للمغيرة بن شعبة - حين ولاه الكوفة - (وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة، فأنا تاركها، اعتمادا على بصرك، بما يرضيني، ويسعد سلطاني، ويصلح به رعيتي، ولست تاركا إيصاءك بخصلة: لا تتحم (لا تتورع) عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب على أصحاب علي، والإقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان، رضوان الله عليه، والإدناء لهم، والاستماع منهم، فقال المغيرة: قد جبرت وجربت، وعملت قبلك لغيرك، فلم يذمم بي دفع، ولا رفع ولا وضع، فستبلو، فتحمد أو تذم، قال: بل نحمد، إن شاء الله.
وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا، وهو من أحسن سيرة: وأشد حبا للعافية: غير أنه لا يدع ذم علي: والوقوع فيه (3).
واستمرت هذه المهزلة الأموية - أو قل الخسيسة المعاوية - دونما وازع من دين أو خلق، فأما الدين فإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: - كما في رواية البخاري - (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) (4)، وأما في الخلق، فإن سب الموتى دناءة، خاصة إذا كان هذا الميت هو الإمام علي بن أبي طالب، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن المعروف أن معاوية قد فعل الاثنين مع الإمام علي (السب والقتال).