فنظر إلي وقال: كأنك رضي البال، فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القراء، قلت: ألا تعجبون من سعيد أني سألته: من كان يحمل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فنظر إلي وقال: إنك لرضي البال، قالوا: رأيت حين تسأله، وهو خائف من الحجاج قد لاذ بالبيت، كان حاملها علي (1).
وقد أدى ذلك كله إلى أن يهمل العلماء والذين رووا الحديث، الرواية عن أهل البيت إلى حد كبير، فضاع علم كثير، وليس هناك إلى سبيل من ريب في أن خسارة الإسلام والمسلمين أكثر، بضياع علم بيت النبوة، الذي أخذه الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو - كما سنرى - أعلم الصحابة وأقضاهم.
على أن بعض أصحاب كتب الحديث، إنما كان لهم موقف خاص من الرواية عن آل البيت، فالإمام البخاري (194 - 256 / 810 - 780 م) مثلا يرى الإمامية (2) أنه - مع تعصبه على آل البيت، خصوصا الإمام جعفر الصادق - لم يرو عنه رواية واحدة، مع كثرة الروايات التي تحملها عنه آلاف الرواة الثقاة، ومع إهمال الكثير مما جاء في حق أهل البيت - وعلى رأسهم الإمام علي بن أبي طالب - من الفضائل، فإنه قد أهمل ما هو صحيح على شرطه وأهمل خصوصا حديث الثقلين، الذي رواه العامة والخاصة، من أكثر من ثلاثين صحابيا، فلم يروه في كتابه -.
ومع ذلك، فإن الإمام البخاري، إنما يروي في كتابه الصحيح عن الضعفاء والمتروكين، وعن جماعة طعن عليهم غيره، بل قد روى عن الخوارج والقدرية، وقي مقدمة فتح الباري تكلم في أحوال الرجال الذين روى عنهم البخاري، وطعن عليهم، ورماهم بالضعف وغيره جماعة، كما بحث في