لعامر بن عبد الله بن الزبير لولده: لا تذكر يا بني عليا إلا بخير، فإن بني أمية لعنوه على منابرهم ثمانين سنة، فلم يزده الله بذلك إلا رفعة، إن الدنيا لم تبن شيئا قط، إلا رجعت على ما بنت فهدمته، وإن الدين لم يبن شيئا قط، وهدمه (1).
ولعل السبب في ذلك - فيما يرى السيد السمهودي في (جواهر العقدين) - إن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم، على ما يكون بعده، مما أبتلي به الإمام علي، وما وقع من الاختلاف لما آل إليه أمر الخلافة، فاقتضى ذلك نصح الأمة، بإشهاره بتلك الفضائل، لتحصل النجاة لمن تمسك به ممن بلغته، ثم لما وقع ذلك الخلاف، والخروج على الإمام علي، نشر من سمع من الصحابة تلك الفضائل، وبثها نصحا للأمة أيضا.
ثم لما اشتد الخطب، واشتغلت طائفة من بني أمية بتنقيص الإمام علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - وسبه على المنابر، ووافقهم الخوارج - لعنهم الله - بل قالوا: بكفره، اشتغلت جهابذة الحفاظ من أهل السنة، ببث فضائله: حتى كثرت نصحا للأمة، ونصرة للحق (2).
وأخرج السلفي في (الطيوريات) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال:
سألت أبي عن علي ومعاوية، فقال: إعلم أن عليا كان كثير الأعداء، ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله، فأطروه كيادا منهم له (3).
وهكذا اهتم العلماء بتعداد مناقب الإمام علي وخصائصه منذ القدم، وقد لخص (الزمخشري) (4) (467 - 538 ه) - الإمام الكبير في التفسير والحديث