فعرفه به الطفل، وهو يسمع أماديحه المنغومة في الطرقات، بغير حاجة إلى تسمية أو تعريف (1).
هذا وقد اختص سيدنا الإمام علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، بخاصة أخرى من خواص الإمامة، ينفرد بها الإمام علي، ولا يجاريه فيها إمام غيره، وهي اتصاله بكل مذهب من مذاهب الفرق الإسلامية، فهو منشئ هذه الفرق - أو هو قطبها الذي تدور عليه - وندرت فرقة في الإسلام، لم يكن سيدنا الإمام علي معلما بها منذ نشأتها، أو لم يكن موضوعا لها، ومحورا لمباحثها، تقول فيه، وترد على قائلين.
ولقد اتصلت الحلقات بين الإمام وبين علماء الكلام والتوحيد، كما اتصلت بينه وبين علماء الفقه والشريعة، وعلماء الأدب والبلاغة، فهو أستاذ هؤلاء جميعا بالسند الموصول، ومن ثم فقد قل، أن سمعنا بعلم من العلوم الإسلامية - أو حتى العلوم القديمة - لم ينسب إليه - وقل أن تحدث الناس بفضل لم يخلوه إياه، وقل أن يوجه الثناء بالعلم إلى أحد من الأوائل، إلا كانت مساهمة له فيه.
وهكذا يمكننا القول - عن يقين، لا ريب فيه - أن لقب (الإمام) إنما هو أحق لقب بسيدنا الإمام علي، وهو أحق الأئمة بلقب (الإمام) - وكرم الله وجهه في الجنة، ورضي الله عنه وأرضاه (2) -.
ولا ريب في أن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليه - إنما فاق في معارفه العلمية، كل أقرانه، حتى أنه سئل ذات يوم: من أين لك كل هذا العلم؟