... وقال مؤرخ الأندلس أبو مروان ابن حيان: كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب، مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة، وكان لا يخلو في فنونه من غلط لجرأته على التسور على كل فن، ومال أولا إلى قول الشافعي وناضل عنه حتى نسب إلى الشذوذ، واستهدف لكثير من فقهاء عصره ثم عدل إلى الظاهر فجادل عنه ولم يكن يلطف في صدعه بما عنده بتعريض ولا تدريج، بل يصك به معارضه صك الجندل وينشقه في أنفه إنشاق الخردل، فتمالأ عليه فقهاء عصره وأجمعوا على تضليله وشنعوا عليه وحذروا أكابرهم من فتنته ونهوا عوامهم عن الاقتراب منه. فطفقوا يغضونه وهو مصر على طريقته حتى كمل له من تصانيفه وقر بعير لم يتجاوز أكثرها عتبة بابه لزهد العلماء فيها، حتى أحرق بعضها بأشبيلية ومزقت علانية، ولم يكن مع ذلك سالما من اضطراب رأيه، وكان لا يظهر عليه أثر علمه حتى يسئل فينفجر منه علم لا تكدره الدلاء.
وكان مما يزيد في بغض الناس تعصبه لبني أمية ماضيهم وباقيهم، واعتقاده بصحة إمامتهم حتى نسب إلى النصب...
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي: ابتدأ ابن حزم أولا فتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل واستقل وزعم أنه إمام الأئمة يضع ويرفع ويحكم ويشرع، واتفق كونه بين أقوام لا بصر لهم إلا بالمسائل فيطالبهم بالدليل ويتضاحك لهم، وذكر بقية الحط عليه في كتاب العواصم والقواصم.
ومما يعاب بن ابن حزم وقوعه في الأئمة الكبار بأفحش عبارة وأشنع رد وقد وقعت بينه وبين أبي الوليد الباجي مناظرات ومنافرات.
وقال أبو العباس ابن العريف الصالح الزاهد: لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان... " ثم ذكر ابن حجر نبذة من أغلاط ابن حزم في وصف الرواة... (1).