ولقد وقفت على طرف من قوادح البخاري وكتابه فيما سبق نقلا عن أكابر القوم وستقف على طرف آخر منها فيما سيأتي إن شاء الله تعالى. وإن من أفحش قوادحه وأقبح مساويه استرابته في بعض أحاديث الإمام الصادق - عليه السلام - تبعا ليحيى القطان جعله الله قاطنا في دركات النيران، على ما ذكر ابن تيمية حيث قال:
" وبالجملة، فهؤلاء الأئمة الأربعة ليس منهم من أخذ عن جعفر من قواعد الفقه، لكن رووا عنه الأحاديث كما رووا عن غيره، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه، وليس بين حديث الزهري وحديثه نسبة لا في القوة ولا في الكثرة، وقد استراب البخاري في بعض أحاديثه لما بلغه عن يحيى بن سعيد القطان فيه كلام، فلم يخرج له، ويمتنع أن يكون حفظه للحديث كحفظ من يحتج بهم البخاري " (1).
وأما: أن " إبراهيم الحربي " طعن فيه، فإن طعنه مردود بالوجوه التي ذكرناها في رد قدح ابن أبي داود...
على أن هذا الرجل مقدوح لما ذكروا في ترجمته من أنه كان يستحسن الابتلاء بعشق الصبي المليح... قال صلاح الدين الكتبي:
" وقال ياقوت: حدثني صديقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود ابن النجار، قال: حدثني أحمد بن سعيد الصباغ، يرفعه إلى أبي نعيم، قال: كان يحضر مجلس إبراهيم الحربي جماعة من الشبان للقراءة عليه، ففقد أحدهم، فسأل عنه من حضر، فقالوا: هو مشغول، ثم سأل يوما آخر فقالوا: هو مشغول وكان قد ابتلي بمحبة شخص شغله عن الحضور، وعظموا إبراهيم الحربي أن يخبروه بجلية الحال. فلما تكرر السؤال عنه - وهم لا يزيدونه على أنه مشغول - قال: يا قوم، إن كان مريضا قوموا بنا لنعوده، وإن كان مديونا اجتهدنا في مساعدته