ومسلم والواقدي وغيرهم لم يرووه، كما ذكر الشيخ عبد الحق، وهؤلاء من أعاظم علماء السنة والجماعة وأكابر أصحاب الحديث وأخبار خير البرية - عليه الصلاة والتحية - وقد طافوا البلاد وساروا في الأمصار في طلب الأحاديث والآثار، وبلغوا في هذا العلم الشريف أقصى الغاية وارتقوا فيه على أعلى الدرجات.
فدعوى تلقي جميع الأمة حديثا طعن فيه رؤساء المحدثين وتركه ثقاتهم بالقبول باطلة... وإثبات تواتره مع طعن أئمة المحدثين وعدولهم فيه مشكل جدا " (1).
أقول: لقد تبع هذا الرجل ابن حجر المكي وعبد الحق الدهلوي وأخذ عنهما هذه الخرافات، لكن لا يخفى من كلامه أنه أكثر منهما تعصبا وأشد انحرافا عن الحق، لأن ابن حجر وعبد الحق قد شهدا قبل القدح في حديث الغدير بصحته وكثرة طرقه، وأنه قد رواه ستة عشر من الصحابة وشهد به ثلاثون منهم على ما أخرجه أحمد، وأن كثيرا من طرقه صحيح أو حسن، وقد أضاف عبد الحق أن القدح فيه مردود غير مسموع.
لكن صاحب المرافض لم يتعرض لهذه الكلمات الحقة، واقتصر على أخذ الخرافات وآيات التعصب والعناد منهما، فذكر كلماتهما الباطلة ونسج على منوالهما في تلك الدعاوي الكاذبة...
وعلى كل حال، فلا يخفى بطلان هذه المناقشات وسقوطها عن درجة الاعتبار، ولا سيما دعوى قدح جماعة من الأئمة العدول المرجوع إليهم في حديث الغدير، فإنها دعوى كاذبة باطلة، كما ذكرنا مرارا، ويشهد بذلك نسبة القدح إلى أبي داود - تبعا لغيره - وقد علمت أن أبا داود من رواة هذا الحديث الشريف.
ومن الجدير بالذكر أن صاحب المرافض قد نقل حديث الغدير عن أحمد ابن حنبل في فضائل أمير المؤمنين - عليه السلام - من ذي قبل.