وغيره، لا يقدر على إنكارها منكر، ولا يرتاب في جهاتها مرتاب.
فمن كان صاحب هذه الفضيلة المتفق عليها بين الفريقين، بحيث يقول الشريف المرتضى فيها: لا يقدر على إنكار منكر ولا يرتاب من جهاتها مرتاب والفضل ما شهدت به الأعداء، فالتقول عليه بالرذائل دليل على كمال التعصب ".
فكيف يذكر الفاضل الرشيد هذا القول المشهور بعد كلام السيد المرتضى في حق عثمان، ولو كان تأليف الجاحظ رسالة في فضائل الإمام - عليه السلام - دليلا على حبه له، لكان كلام السيد المرتضى دليلا على حبه لعثمان كذلك...
أقول: والحاصل أنه لم يقل أحد من العقلاء إن مطلق المدح دليل على المحبة، وإلا لكان المشركون الذين وصفوا النبي - صلى الله عليه وآله - بالصدق والأمانة مسلمين محبين له. ولكان معاوية بن أبي سفيان الذي يعترف بعظمة أمير المؤمنين - عليه السلام - مرارا - في حياته وبعد وفاته - محبا له، مع أن عداوته للإمام - عليه السلام - لا يحتاج إلى بيان... وقد روى المبرد كتابا من معاوية بن أبي سفيان إلى سيدنا أمير المؤمنين - عليه الصلاة والسلام - جاء فيه:
" وأما شرفك في الاسلام وقرابتك من النبي - صلى الله عليه وسلم - وموضعك ممن بايعك، وما حجتك على أهل الشام إلا كحجتك على قريش فلست أدفعه ".
ثم روى المبرد جواب الإمام - عليه السلام -: وفيه:
" وأما شرفي في الاسلام وقرابتي من النبي - صلى الله عليه وآله - وموضعي من قريش، فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته " (1).
فهكذا شأن معاوية، وهو مع ذلك يعترف بما لعلي من الفضائل...
والجاحظ مثل معاوية...