ضربا يزبل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله!
واستسقى عمار فأتي بلبن في قدح فلما رآه كبر ثم شربه وقال: إن النبي صلى الله عليه وآله قال لي: آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن، ويقتلك الفئة الباغية! فهذا آخر أيامي من الدنيا ثم حمل وأحاط به أهل الشام واعترضه أبو الغادية الفزاري وابن جوفي السكسكي، فأما أبو الغادية فطعنه وأما ابن جوفي فاجتز رأسه الشريف، وقد كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمار بن ياسر: يا بن سمية!
تقتلك الفئة الباغية. قال ذو الكلاع، وتحت أمره ستون ألفا من الفرسان يقول لعمرو بن العاص: ويحك أنحن الفئة الباغية؟! وكان في شك من ذلك، فيقول عمرو: إنه سيرجع إلينا، واتفق أنه أصيب ذو الكلاع يوم أصيب عمار، فقال عمرو: لو بقي ذو الكلاع لمال بعامة قومه ولأفسد علينا جندنا.
وقتل أبو الهيثم وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص قال لأبيه: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية فقال عمرو لمعاوية:
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنحن قتلنا عمارا؟ إنما قتله الذي جاء به فألقاه تحت رماحنا وسيوفنا.
وفرح بقتل عمار أهل الشام، وقال معاوية: قتلنا عبد الله بن بديل وهاشم بن عتبة وعمار بن ياسر، فاسترجع النعمان بن بشير وقال: والله إنا كنا نعبد اللات والعزى، وعمار يعبد الله ولقد عذبه المشركون بالرمضاء وغيرها من ألوان العذاب، فكان يوحد الله ويصبر على ذلك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صبرا آل ياسر؟ موعدكم الجنة. وقال له: عمارا يدعو الناس إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وقال ابن جوفي من أهل الشام: أنا قتلت عمارا. فقال عمرو بن العاص: ماذا قال حين ضربته؟ قال: قال اليوم ألقى