لا يستوي من يعمر المساجدا * يدأب فيها راكعا وساجدا وقائما طورا وطورا قاعدا * ومن يرى عن التراب حائدا فسمعها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها وهو لا يدري من يعني، فسمعه عثمان فقال: يا بن سمية! ما أعرفني بمن تعرض؟ ومعه جريدة، فقال:
لتكفن أو لأعترضن بها وجهك! فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل حائط، فقال: عمار جلدة ما بين عيني وألفي، فمن بلغ ذلك منه فقد بلغ مني وأشار بيده فوضعها بين عينيه، فكف الناس عن ذلك وقالوا لعمار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غضب فيك ونخاف أن ينزل فينا قرآن! فقال:
أنا أرضيه كما غضب، فأقبل عليه فقال: يا رسول الله! ما لي ولأصحابك؟
قال ومالك ولهم؟ قال: يريدون قتلي يحملون لبنة ويحملون علي لبنتين، فأخذ به وطاف به في المسجد وجعل يمسح وجهه من التراب ويقول: يا بن سمية! لا يقتلك أصحابي ولكن تقتلك الفئة الباغية. فلما قتل بصفين وروى هذا الحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال معاوية: هم قتلوه لأنهم أخرجوه إلى القتل. فلما بلغ ذلك عليا قال: ونحن قتلنا أيضا حمزة لأنا أخرجناه ".
وقال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بترجمة عمار: " أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصنعاني. ثنا: إسحق بن إبراهيم بن عباد. أنبأ:
عبد الرزاق عمر معمر، عن ابن طاووس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، أخبره قال: لما قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. فقام عمرو فزعا حتى دخل على معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قتل عمار بن ياسر! فقال: قتل عمار فماذا؟ فقال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقتله الفئة الباغية. فقال له معاوية: أنحن قتلناه؟ إنما قتله علي وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال: سيوفنا. صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة.