والانجذاب إلى الجهة السفلية والتوجه إلى المطالب الجزئية، والاصلاح إنما يكون من لزوم العدالة في النفس التي هي ظل المحبة التي هي ظل الوحدة، فلذلك أمر المؤمنون الموحدون بالإصلاح بينهما على تقدير بغيهما، والقتال مع الباغية على تقدير بغي إحداهما حتى يرجع لكون الباغية مضادة للحق دافعة له، كما خرج عمار رضي الله عنه مع كبره وشيخوخته في قتال أصحاب معاوية ليعلم بذلك أنهم الفئة الباغية ".
وقال سبط ابن الجوزي: " وحكى ابن سعد في (الطبقات) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أنه قال لأبيه: قتلتم عمارا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: تقتلك الفئة الباغية!؟ فسمعه معاوية فقال: لأنك شيخ أخرق ما تزال تأتينا بهنة تدحض بها في بولك! أنحن قتلناه؟! أنما قتله الذي أخرجه وفي رواية: فبلغ ذلك عليا فقال: ونحن قتلنا حمزة لأنا أخرجناه إلى أحد. وذكر ابن سعد أيضا أن ذا الكلاع لما بلغه هذا قال لعمرو: نحن الفئة الباغية وهم بالرجوع إلى عسكر علي وكان تحت يده ستون ألفا فقتل ذو الكاع فقال معاوية: لو بقي ذو الكلاع لأفسد علينا جندنا بميله إلى ابن أبي طالب! ".
وقال أيضا: " وقال الواقدي: لما طعن أبو الغادية عمارا بالرمح وسقط أكب عليه آخر فاجتز رأسه ثم أقبلا إلى معاوية يختصمان فيه، كل منهما يقول: أنا قتلته، فقال لهما عمرو: والله إن تختصمان إلا في النار! فقال معاوية: ما صنعت؟ قوم بذلوا نفوسهم دوننا تقول لهم هذا؟! فقال عمرو:
هو والله كذلك وأنت تعلمه وإني والله وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة! ".
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: " فائدة - روى حديث تقتل عمارا الفئة الباغية " جماعة من الصحابة منهم قتادة (أبو قتادة. ظ) بن النعمان كما تقدم وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع