فقال علي: ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك، والله كل يوم في شأن فقال عبد الرحمن: يا علي! لا تجعل على نفسك حجة وسبيلا، فخرج علي وهو يقول: سيبلغ الكتاب أجله.
فقال المقداد: يا عبد الرحمن! أما والله لقد تركته وإنه من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، فقال يا مقداد! والله لقد اجتهدت للمسلمين. قال: إن كنت أردت الله فأثابك الله ثواب المحسنين، فقال المقداد: ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، إني لأعجب من قريش إنهم تركوا رجلا ما أقول ولا أعلم أن رجلا أقضى بالعدل ولا أعلم منه، أما والله لو أجد أعوانا عليه! فقال عبد الرحمن: يا مقداد: اتق الله، فإني خائف عليك الفتنة، فقال رجل للمقداد رحمك من أهل هذا البيت ومن هذا الرجل؟ قال: أهل البيت بنو عبد المطلب والرجل علي بن أبي طالب. فقال علي: إن الناس ينظرون إلى قريش وقريش تنظر بينها فتقول: إن ولي عليكم بني هاشم لم تخرج منهم أبدا وما كانت في غيرهم تتداولوها بينكم " (1).
وقال أبو الفداء " ثم دخلت سنة أربع وعشرين فيها عقب موت عمر اجتمع أهل الشورى وهم علي وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، وكان قد شرط عمر أن يكون ابنه عبد الله شريكا في الرأي ولا يكون له حظ في الخلافة، وطال الأمر بينهم وكان قد جعل لهم عمر مدة ثلاثة أيام وقال: لا يمضي اليوم الرابع إلا ولكم أمير وإن اختلفتم فكونوا مع الذي معه عبد الرحمن.
فمضى علي إلى العباس رضي الله عنهما وقال له: عدل عنا لأن سعدا لا يخالف عبد الرحمن لأنه ابن عمه وعبد الرحمن صعر عثمان، فلا يختلفون فيوليها أحدهم الآخر، فقال العباس: لم أدفعك عن شئ إلا رجعت إلي