وأنا في حلقة جالس فقلنا: ما شأنك؟ فقال: سلمت على عمر، فأخبرنا خبره، فهل سمع منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا كلنا قد سمعه.
قال: فأرسلوا معه رجلا منهم حتى أتى عمر فأخبره بذلك ".
وقال برهان الدين عبيد الله بن محمد الفرغاني العبري في (شرح منهاج البيضاوي):
" قال أبو علي في بيان اشتراط العدد: إن الصحابة طلبوا العدد فإن أبا بكر (رض) لم يقبل خبر مغيرة بن شعبة في الجدة حتى رواه محمد بن مسلمة الأنصاري، ولم يعمل عمر (رض) بخبر أبي موسى الأشعري في الاستيذان حتى رواه أبو سعيد الخدري، ورد أبو بكر وعمر خبر عثمان في رد الحكم بن العاص. وأمثال (ذلك. صح. ظ) كثيرة، وطلب العدد منهم في الروايات الكثيرة دليل اشتراطه. قلنا في الجواب عنه أنهم إنما طلبوا العدد عند التهمة لا مطلقا، ونحن إنما ندعي أن خبر العدل الواحد حيث لا تهمة في روايته مقبول، فلا يرد ما ذكرتم من الصور نقضا ".
وقال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري): " واحتج من رد الخبر الواحد: بتوقفه صلى الله عليه وسلم في قبول خبر ذي اليدين، ولا حجة فيه لأنه عارض علمه وكل خبر واحد إذا عارض العلم لم يقبل، ويتوقف أبي بكر وعمر في حديثي المغيرة في الجدة وفي ميراث الجنين حتى شهد بهما محمد ابن مسلمة، وبوقف عمر في خبر أبي موسى في الاستيذان حتى شهد له أبو سعيد، وبتوقف عائشة في خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء الحي، وأجيب بأن ذلك إنما وقع منهم أما عند الارتياب كما في قصة أبي موسى فإنه أورد الخبر عند إنكار عمر عليه رجوعه بعد الثلاث وتوعده، فأراد عمر الاستثبات خشية أن يكون دفع بذلك عن نفسه، وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتاب الاستيذان، وأما عند معارضة الدليل القطعي كما في إنكار عائشة حيث استدلت بقوله تعالى: * [ولا تزر وازرة وزر أخرى] *.