فله قيراط. فقال أكثر أبو هريرة علينا فصدقت - يعني عائشة - وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، فقال ابن عمر لقد فرطنا في قراريط كثيرة (1).
أقول: إن إكثار أبي هريرة كان مشهورا عند الصحابة، فيتهمه كل من سمع منه ما يستبعده كما ترى من ابن عمر، وإن كان في خصوص المورد قد برأته عائشة من الكذب.
(29) وعنه: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه قال ابسط رداءك فبسطته، قال فغرف بيديه ثم قال: ضمه، فضممته فما نسيت شيئا بعده (2).
سبحان الله من كرامة لأبي هريرة - على حد زعم بعض الناس! - كرامة لم تنل أحدا من كبار الصحابة. والمؤمن الفطن يعلم أن قصة بسط الرداء تشبه الحكايات المتداولة بين الصبيان، وكأن عجالته في إنشاء القصة أنسته من المغروف منه، ثم إنه غير هذه القصة إلى وجه مخالف لما ذكرناه منه هنا، وكأنه خاف أن ينكشف أمره أو نسي ادعاءه هذا فقال: أنكم تقولون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول الله بمثل حديث أبي هريرة...
وقد قال رسول الله في حديث يحدثه أنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما أقول. فبسطت نمرة علي حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله تلك من شئ (3).