الرزية كل الرزية ما حال بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين كتابه. وله حق البكاء، بل ينبغي أن يبكي عليه كل مسلم يحب دينه.
لكن المانعين، من الصحابة وعلى رأسهم عمر وهو الخليفة الثاني، فما هو المخرج من هذه المشكلة العويصة المحيرة للعقول؟ وقد ذكر علماء الحديث والكلام أعذارا كثيرة، لكنها غير مقنعة عند من نجاه الله من التقليد والعصبية ووفقه لتطبيق الاعتقاد على الحق دون تطبيق الحق على الاعتقاد (1)، ولا شئ أفضل من أن نقول والله العالم، وإنا لله وأنا إليه راجعون.
8 - ثم إن في مقالة عمر: (حسبنا كتاب الله) إشكال آخر، وهو أن قول النبي وفعله وتقريره مصدر ثان للتشريع، ولا شك في عدم كفاية القرآن وحده من دون السنة النبوية لنجاة المسلمين، فكما يجب العمل بالقرآن، يجب العمل بالسنة بدلالة آيات من القرآن، فرد أمر الرسول رد للقرآن أيضا. على أن عمر وأتباعه يعلمون - أتم علم - بأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أعلم منهم ومن كل أحد بالقرآن، فلو كان القرآن كافيا لهم لما قال لهم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده أبدا، فاستدلالهم هذا رد اعتقادي على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا أقبح من منع إتيان ما يكتب فيه، فإنه مجرد عصيان عملي.
(23) وعن العرباض قال: نزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر... فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا ابن عوف اركب فرسك ثم ناد... فقام صلى الله عليه وسلم فقال: أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن، ألا وإني والله قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء، إنها لمثل