مسائل أخر، حتى توسعت الفتنة في زمان عثمان، وانجر الأمر إلى أن قتل عثمان فيها، ولم تستقر الخلافة لعلي، فحاربه عائشة وطلحة والزبير وغيرهم من الصحابة وأتباعهم، ثم حاربه معاوية وعمرو بن العاص وأقرانهما وأتباعهما، ثم الخوارج، حتى قتله ابن ملجم الخارجي، ثم استولى بنو أمية على سلطان الإسلام والمسلمين، فأفسدوا وعثوا وعتوا عتوا كبيرا. فدع قصة عدالة الصحابة وابحث عن الحقيقة كما هي.
من القطعيات التي لا يشك فيها عاقل أن موضوع الإمامة والخلافة هي أساس كل الاختلافات التي انجرت إلى العداء والبغضاء، ثم إلى الحروب، وسفك الدماء، وهتك الأعراض، ونهب الأموال، وإلى التكفير والتفسيق، وإلى تشعب المسلمين إلى المذاهب والمسالك المتباعدة، وهي التي حملت أقواما على جعل الأحاديث، وتزوير الحقائق، وترويج الأباطيل، والأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، إلى يومنا هذا في كل مكان.
ولنعم ما قيل: ما ذئبان ضاريان في غنم غاب رعاؤها عنها بأضر في دين الرجل المسلم من حب الرئاسة. وهذا هو سر خوف النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته حيث أراد أن يكتب ما لا تضل أمته بعده، فعصوا أمره، فوقعت الأمة في المصاعب والمصائب إلى يومنا هذا (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
ومما لا شك فيه أيضا أن خلافة أبي بكر لم تكن مقبولة عند الجميع، بل في الأنصار من يطلبها لنفسه، وفي المهاجرين كان علي يرى نفسه أحق بها من كل أحد، ولم يقبل خلافة أبي بكر وعمر وعثمان بطيب نفسه يوما كما يظهر ذلك من كلماته الكثيرة ومن أفعاله المتكررة، ونحن