غيره أهلا للخلافة، وحيثما استنكر وجوه الناس، وبقي هو وجماعته القليلة منعزلين، ولم ير الصلاح في الحرب فاضطر إلى المصالحة.
وأما ما قيل في وجه عدم بيعته من تسلط الحزن والهم عليه بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لحلفه على عدم لبس الرداء إلا للصلاة حتى يجمع القرآن كله فلم يجد الفرصة للاجتهاد لوجوب البيعة! أو لكفاية غيره للبيعة فهو ضعيف كضعف ما مر في كلام عائشة من استبداد أبي بكر بالخلافة، إذ كل ذلك غلط، لا يجوز ترك بيعة الإمام لأجله لأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، أيصح أن يحلف أحد على ترك واجب؟ أو يتركه لحزنه؟ أو لعدم المشاورة معه؟ كلا.
(466) وعن الحارث... قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا آمركم بخمس الله أمرني بها: السمع، والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع... (1).
أقول: وقد فارق علي الجماعة ستة أشهر، فهل تظن به أنه يرى الجماعة على حق ومع ذلك فارقها عنادا وتعصبا واتباعا لهواه؟ أو يراهم على غير حق فابتعد منهم.
تعقيب وتحقيق دع عنك خرافة عبد الله بن سبأ بأن تحمله كل ما وقع في صدر الإسلام تحفظا على عدالة الصحابة، فإنه لعب بالعقل والأحاديث والتاريخ وأعيذك الله منه. والواقع أن الصحابة هم الذين اختلفوا بينهم على الإتيان بالكتاب للنبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته، ثم في سقيفة بني ساعدة، ثم في موضوع الخلافة (مع علي بخصوصه)، ثم في توريث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم في جملة من