لولا الأخبار الواردة أن الأرض لا تخلو من حجة، فلهذا لم يجز كونه في السماء وأوجبنا كونه في الأرض وبالله التوفيق.
فقام إنسان من المعتزلة وقال للشيخ المفيد: كيف يجوز ذلك منك وأنت نظار منهم قائل بالعدل والتوحيد، وقائل بأحكام العقول، تعتقد إمامة رجل ما صحت ولادته دون إمامته، ولا وجوده دون عدمه، وقد تطاولت السنون حتى أن المعتقد منكم يقول إن له مند ولد خمسا وأربعين ومائة سنة (1)، فهل يجوز هذا في عقل أو سمع؟
قال له الشيخ: قد قلت فافهم، اعلم: إن الدلالة عندنا قامت على أن الأرض لا تخلو من حجة. (2) قال السائل: مسلم لك ذلك ثم آيش؟
قال له الشيخ: ثم إن الحجة على صفات، ومن لا يكون عليها لم تكن فيه.
قال له السائل: هذا عندي، ولم أر في ولد العباس، ولا في ولد علي، ولا في قريش قاطبة من هو بتلك الصفات، فعلمت بدليل العقل أن الحجة غيرهم، ولو غاب ألف سنة، وهذا كلام جيد في معناه إذا تفكرت فيه، لأنه إذا قامت الدلالة بأن الأرض لا تخلو من حجة، وإن الحجة لا يكون إلا معصوما من الخطأ والزلل، لا يجوز عليه ما يجوز على الأمة، وكانت المنازعة فيه لا في الغيبة، فإذا سلم ذلك كانت الحجة لازمة في الغيبة (3).