لا يصح خبر في الدنيا، وكان ذلك إبطال الشرائع كلها.
قال السائل: فلعل قوما تواطئوا في الأصل فوضعوا هذه الأخبار ونقلتها الشيعة وتدينت بها، وهي غير عالمة بالأصل كيف كان.
قال له الشيخ رضي الله عنه: أول ما في هذا إنه طعن في جميع الأخبار، لأن قائلا لو قال للمسلمين في نقلهم لمعجزات النبي (صلى الله عليه وآله): لعلها في الأصل موضوعة، ولعل قوما تواطئوا عليها فنقلها من لا يعلم حالها في الأصل، وهذا طريق إلى إبطال الشرائع، وأيضا فلو كان الأمر على ما ذكره السائل لظهر وانتشر على ألسن المخالفين - مع طلبهم لعيوبهم وطلب الحيلة في كسر مذاهبهم - وكان ذلك أظهر وأشهر مما يخفى، وفي عدم العلم بذلك ما يدل على بطلان هذه المعارضة.
قال: فأرنا طرق هذه الأخبار، وما وجهها ووجه دلالتها؟
قال: الأول ما في هذا الخبر الذي روته العامة والخاصة، وهو خبر كميل ابن زياد قال: دخلت على أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو ينكث في الأرض فقلت له: يا مولاي ما لك تنكث الأرض أرغبة فيها؟
فقال: والله ما رغبت فيها ساعة قط، ولكني أفكر في التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)، هو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملأت ظلما وجورا، تكون له غيبة يرتاب فيها المبطلون، يا كميل بن زياد، لا بد لله في أرضه من حجة، إما ظاهر مشهور شخصه، وإما باطن مغمور لكيلا تبطل حجج الله (1). والخبر طويل وإنما اقتصرنا على موضع الدلالة.