وعصمته على ما بيناه.
فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يوحى إليه فيعلم بالوحي العواقب، ويعرف الفرق من صواب التدبير وخطأه بمعرفة ما يكون، فمن قال في علم الإمام بما ذكرت؟ وما طريق معرفته بذلك؟
فقلت له: الإمام عندنا معهود إليه، موقف على ما يأتي وما يذكر، منصوب له أمارات تدله على العواقب في التدبيرات والصالح في الأفعال، وإنما حصل له العهد بذلك عن النبي (صلى الله عليه وآله) الذي يوحى إليه ويطلع على علم السماء، ولو لم نذكر هذا الباب واقتصرنا على أنه متعبد في ذلك بغلبة الظن وما يظهر له من الصلاح لكفى وأغنى، وقام مقام الإظهار على التحقيق كائنا ما كان بلا ارتياب، لا سيما على مذهب المخالفين في الاجتهاد. وقولهم في رأي النبي (صلى الله عليه وآله) وإن كان المذهب ما قدمناه.
فقال: لم لا يظهر الإمام وإن أدى ظهوره إلى قتله فيكون البرهان له والحجة في إمامته أوضح، ويزول الشك في وجوده بلا ارتياب؟
فقلت: إنه لا يجب ذلك عليه (عليه السلام)، كما لا يجب على الله تعالى معاجلة العصاة بالنقمات وإظهار الآيات في كل وقت متتابعات، وإن كنا نعلم أنه لو عاجل العصاة لكان البرهان على قدرته أوضح، والأمر في نهيه أوكد، والحجة في قبح خلافه أبين، ولكان بذلك الخلق عن معاصيه أزجر، وإن لم يجب ذلك عليه ولا في حكمته وتدبيره لعلمه بالمصلحة فيه على التفضيل، فالقول في الباب الأول مثله على أنه لا معنى لظهور الإمام في وقت يحيط العلم فيه بأن ظهوره منه فساد، وإنه لا يؤول إلى إصلاح، وإنما يكون ذلك حكمة وصوابا إذا كانت عاقبته الصلاح، ولو علم (عليه السلام) إن في ظهوره صلاحا في الدين مع مقامه في العالم أو هلاكه