وفرة الرواة ما بلغه هذا الحديث.
ثم ما أظن أن كتب الحديث والتأريخ والتفسير على اختلافها قد عنيت بمثل ما عنيت بهذا الحديث، حتى بلغت الكتب التي روته في مختلف العصور المئات وألفت فيه رسائل مستقلة (1).
والظاهر أن سر هذه العناية البالغة بهذا الحديث هو عناية النبي (صلى الله عليه وآله) واهتمامه البالغ به، فقد صدع به في حجة الوداع بعرفة، وفي غدير خم، وبعد انصرافه من الطائف، وفي الحجرة قبيل وفاته، وهكذا.
قال أحدهم: وما نصنع بحديث (وسنتي) لو أخذنا بحديث الثقلين، ولماذا تقدم حديث الثقلين عليه، وهو معارض له.
قلت: إنما نقدم حديث الثقلين لأنه حديث متواتر، ولا أقل من شهرته وصحة طرقه، وعناية الصحاح والمسانيد به، بينما لم يرو حديث وسنتي إلا أفراد محدودون، ورواياتهم لم تخضع لشرائط الاعتبار، لوقوع الإرسال فيها.
وعلى فرض صحتها، فأين موقع المعارضة بين الحديثين، وليس لها منشأ إلا توهم التدافع بين مفهوميهما، وهما لا يخرجان على كونهما من مفهومي العدد واللقب، وكلاهما ليسا بحجة في دفع الزائد، فأي محذور في أن يخلف الكتاب والسنة والعترة، وهو ما يقتضيه الجمع العرفي بينهما. على أن أحدهما يرجع إلى الآخر، لما سبق أن قلنا من أن أهل البيت لا