ومريم كانت ممن تقدم البعثة، وفي قصتها شبه وأحوال غريبة، فيحسن الحديث عنها لإزالة الشبهة، ورد الأمر إلى حقيقته، وفاطمة (عليها السلام) لم تكن كذلك، ولا حصلت معها أي شبهة.
وقد ذكر في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: * (يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) * (1)، " اصطفاك ": أي اختارك، وألطف لك، حتى تفرغت لعبادته واتباع مرضاته، وقيل: اصطفاك لولادة المسيح.. عن الزجاج، " وطهرك "، بالإيمان عن الكفر، وبالطاعة عن المعصية.. عن الحسن وسعيد بن جبير، وقيل:
طهرك من الأدناس والأقذار التي تعرض للنساء من الحيض والنفاس، حتى صرت صالحة لخدمة المسجد، عن الزجاج.
وقيل: طهرك من الأخلاق الذميمة، والطبائع الردية، * (واصطفاك على نساء العالمين) *، أي على نساء زمانك، لأن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها - سيدة نساء العالمين، وهو قول أبي جعفر (عليه السلام).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين، وقال أبو جعفر (عليه السلام): معنى الآية: اصطفاك من ذرية الأنبياء، وطهرك من السفاح، واصطفاك لولادة عيسى (عليه السلام) من غير فحل، وخرج بهذا من أن يكون تكريرا، إذ يكون الاصطفاء على معنيين مختلفين، * (يا مريم اقنتي لربك) * أي اعبديه، وأخلصي له العبادة... عن سعيد بن جبير، وقيل: معناه:
أديمي الطاعة له... عن قتادة، وقيل: أطيلي القيام في الصلاة.. عن مجاهد، * (واسجدي واركعي مع الراكعين) *، أي كما يعمل الساجدون والراكعون، لا أن