يكون ذلك أمرا لها بأن تعمل السجود والركوع معهم في الجماعة، وقدم السجود على الركوع، لأن الواو لا توجب الترتيب، فإنها في الأشياء المتغايرة نظيرة التثنية في المتماثلة، وإنما توجب الجمع والاشتراك، وقيل: معناه: واسجدي لله شكرا واركعي، أي وصلي مع المصلين، وقيل: معناه: صلي في الجماعة... عن الجبائي (1).
قال الرجل: أليس إطلاق " العالمين " يدفع كونها مصطفاة على نساء عالم عصرها.
قلت: الظاهر ما ذكرت، ولكن قد تقدم - عن مجمع البيان - أن الاصطفاء يكون على معنيين مختلفين، فالاصطفاء المطلق: معناه الاختيار، وهو يفيد معنى التسليم، والاصطفاء المتعدي بعلى أيضا معناه الاختيار ولكنه يفيد معنى التقديم، إذا نستطيع القول بأن اصطفاءها على نساء العالمين هو تقديم لها عليهن.
ولكن هذا التقديم هل هو من جميع الجهات، أو من بعضها، فإن كان من جميع الجهات فلا مشاحة في فضلها، هي أفضل من الجميع، فاطمة فمن دونها، وإن كان هذا التقديم من بعض الجهات، فلنا فيه نظر.
ظاهر الآيات التي تتعرض لقصة مريم تفيد التبعيض، فبعد آية بعد هذه الآية يقول: * (يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين...) * (2) الخ، وفي سورة الأنبياء: * (والتي أحصنت فرجها فنفخنا